أقسام الاحتياط

أقسام الاحتياط

أقسام الاحتياط

الإحتياط قد يقتضی العمل، و قد يقتضی الترك، و قد يقتضی التكرار.

أما الأول: ففی كل مورد تردد الحكم فيه بين الوجوب و غير الحرمة، فالإحتياط - حينئذ - يقتضی الإتيان به.

و أما الثاني: ففی كل مورد تردد الحكم فيه بين الحرمه و غير الوجوب، فالإحتياط فيه يقتضی الترك.

و أما الثالث: ففی كل مورد تردد الواجب فيه بين فعلين، كما إذا لم يعلم المكلف فی مكان خاص أن وظيفته الإتمام فی الصلاة أو القصر فيها، فإن الإحتياط يقتضی - حينئذ - أن يأتی بها مرة قصراًَ، و مرة تماماً.

(مسألة 7):‌ كل مورد لايتمكن المكلف فيه من الإحتياط يتعين عليه الإجتهاد أو التقليد، كما إذا تردد مال بين صغيرين أو مجنونين، أو صغير و مجنون: فإن الإحتياط فی مثل ذلك متعذر، فلابد من الإجتهاد أو التقليد.

(مسألة 8): قد لايسع العامی أن يميز ما يقتضيه الإحتياط مثال ذلك: أن الفقهاء قد اختلفوا فی جواز الوضوء و الغسل بالماء المستعمل فی رفع الحدث الأكبر، فالإحتياط يقتضی ترك ذلك، إلا أنه إذا لم يكن عند المكلف غير هذا الماء: فالإحتياط يقتضی أن يتوضأ أو يغتسل به، و يتيمم أيضاً، إذا أمكنه التيمم. و قد يعارض الإحتياط من جهة الإحتياط من جهة اُخرﻯٰ، و يعسر علی العامي تشخيص ذلك، مثلاً: إذا تردد عدد التسبيحة الواجبة فی الصلاة بين الواحدة و الثلاث، فالإحتياط يقتضی الإتيان بالثلاث، لكنه إذا ضاق الوقت و استلزم هذا الإحتياط - أن يقع مقدار من الصلاة خارج الوقت و هو خلاف الإحتياط - ففی مثل ذلك ينحصر الأمر فی التقليد أو الإجتهاد.

(مسألة‌ 9):‌ إذا قلد مجتهداً يفتی بحرمة العدول - حتی إلی المجتهد الأعلم - جاز له العدول إلی الأعلم. بل قد يجب ذلك «كما سيأتي».

(مسألة 10): يصح تقليد الصبی المميز، فإذا مات المجتهد الذی قلده الصبی قبل بلوغه: جاز له البقاء علی تقليده،‌ كما أنه لايجوز له أن يعدل عنه إلی غيره، إلا إذا كان الثانی أعلم.


(مسألة 11): يعتبر فی من يجوز تقليده اُمور:

(1)                البلوغ.

(2)                العقل.

(3)                الرجولة.

(4)                الإيمان - بمعنی أن يكون إثنی عشرياً -.

(5)                العدالة.

(6)                طهارة المولد.

(7)                الضبط، بمعنی أن لايقل ضبطه عن المتعارف.

(8)                الإجتهاد.

(9)                الحياة «علی تفصيل سيأتي».

(10)               أن لايكون حريصاً علی الدنيا علی الأحوط وجوباً.

(مسألة 12): تقليد المجتهد الميت قسمان: ابتدائي، و بقائي.

التقليد الإبتدائي هو: «أن يقلّد المكلف مجتهداً ميتاً من دون أن يسبق منه تقليده حال حياته.

التقليد البقائي هو: «أن يقلّد مجتهداً معيناً شطراً من حياته و يبقی علی تقليد ذلك المجتهد بعد موته.

(مسألة 13): لايجوز تقليد الميت ابتداءاً، و لو كان أعلم من المجتهدين الأحياء.

(مسألة 14): الأقوی جواز البقاء علی تقليد الميت فی جميع المسائل و إن لم يكن قد عمل بها، و الأظهر وجوب الرجوع إلی المجتهد الحي إذا كان أعلم من المجتهد الميّت.

(مسألة 15): لايجوز العدول إلی الميت - ثانياً - بعد العدول عنه إلی الحي، إلا إذا أفتی الحي بالإحتياط الوجوبی فی مسألة و عمل بهذا الإحتياط مدة فيجوز له العدول ثانياً إلی الميت إن كان له فتوی فی المسألة.

(مسألة 16): الأعلم هو: «الأقدر علی استنباط الأحكام»و ذلك بأن يكون أكثر احاطة بالمدارك، و بتطبيقاتها من غيره.

(مسألة 17): يجب الرجوع فی تعيين الأعلم إلی أهل الخبرة و الإستنباط، و لايجوز الرجوع - فی ذلك - إلی من لاخبرة له بذلك.

(مسألة 18):‌ إذا كان أحد المجتهدين أعلم من الآخر ففيه صورتان:

(1)                أن لايعلم الإختلاف بينهما فی الفتوی أصلاً. ففی مثل ذلك يجوز تقليد غير الأعلم.

(2)                أن يعلم الإختلاف بينهما تفصيلاً أو إجمالاً فی المسائل التی تكون فی معرض ابتلائه. فيجب فيها تقليد الأعلم، إلا أن يكون فتوی غير الأعلم موافقاً للإحتياط، و إذا تردد الأعلم بين شخصين أو أكثر - و لو كان ذلك من جهة تعارض البينتين - وجب عليه العمل بأحوط الأقوال، و مع عدم الإمكان يقلد من يظن أعلميته: و مع عدمه يقلد محتمل الأعلمية إذا كان الإحتمال خاصاً بأحدهما و لو كان ضعيفاً علی الأحوط وجوباً، و مع احتمالها فی حق الجميع: يتخيّر فی تقليد من شاء منهم.

(مسألة 19): إذا لم يكن للأعلم فتوی فی مسألة خاصة، أو لم يعلم بها المقلد جاز له الرجوع فيها إلی غيره، مع رعاية‌ الأعلم فالأعلم «علی التفصيل المتقدم» بمعنی أنه إذا لم يعلم الإختلاف فی تلك الفتوی بين مجتهدين آخرين - و كان أحدهما أعلم من الآخر - جاز له الرجوع إلی أيهما شاء. و إذا علم الإختلاف بينهما لم يجز الرجوع إلی غير الأعلم.

(مسألة 20): يثبت الإجتهاد، أو الأعلمية بأحد اُمور:

(1)                الإختبار، و هذا إنما يتحقق فيما إذا كان المقلد قادراً علی تشخيص ذلك.

(2)                شهادة العدلين (و العدالة) هی «الإستقامة فی العمل، و تتحقق بترك المحرمات و فعل الواجبات» و يعتبر فی شهادة العدلين أن يكونا من أهل الخبرة، و أن لاتعارضها شهادة مثلها بالخلاف.

(3)                الشياع:‌ «بأن يكون اجتهاد مجتهد أو أعلميته متسالماً عليه عند كثير من الناس، بحيث يحصل اليقين أو الإطمئنان بذلك».

(مسألة 21): الإحتياط المذكور فی هذه الرسالة قسمان: واجب و مستحب.

الإحتياط الواجب هو: «الذی لايكون مسبوقاً أو ملحوقاً بذكر الفتوی» و فی حكم الإحتياط ما إذا قلنا: فيه أشكال أو فيه تأمّل، أو ما يشبه ذلك.

الإحتياط المستحب: «ما يكون مسبوقاً أو ملحوقاً بذكر الفتوی» و قد يعبر عنه بكلمة «الأحوط الأولی» و إذا شك فی تبدل رأی المجتهد بنی علی العدم و لايجب الفحص.

(مسألة 22): لايجب العمل بالإحتياط المستحب. و أما الإحتياط الواجب فلابد فی موارده من العمل بالإحتياط، أو الرجوع إلی الغير، مع رعاية الأعلم فالأعلم، علی التفصيل المتقدّم».