الكمبيالات

الكمبيالات

الكمبيالات

تتحقق مالية الشيء بأحد أمرين:

(الأول): أن تكون للشيء منافع وخواص توجب رغبة العقلاء فيه و ذلك كالمأكولات والمشروبات و الملبوسات و ما شاكلها.

(الثاني): اعتبارها من قبل من بيده الإعتبار. كالحكومات التی تعتبر المالية فيما تصدره من الأوراق النقدية و الطوابع و أمثالها.

(مسألة 13): يمتاز البيع عن القرض من جهات:

(الاُولی): أن البيع تمليك عين بعوض لا مجاناً, والقرض تمليك للمال بالضمان فی الذمة بالمثل إذا كان مثلياً وبالقيمة إذا كان قيمياً.

(الثانية): اعتبار وجود فارق بين العوض و المعوض فی البيع, وبدونه لا يتحقق البيع, وعدم اعتبار ذلك فی القرض. مثلاً لو باع مائة بيضة بمائة و عشرة فلابد من وجود مائز بين العوض والمعرض كأن تكون المائة من الحجم الكبير و عوضها من المتوسط فی الذمة, وإلا فهو قرض بصورة البيع و يكون محرماً لتحقق الربا فيه.

(الثالثة): ان البيع يختلف عن القرض فی الربا فكل زيادة فی القرض إذا اشترطت تكون رباً و محرمة, دون البيع, فإن المحرم فيه لا يكون إلا فی المكيل أو الموزون من العوضين المتحدين جتسا قلواختلفا فی الجنس أولم يکونا من المكيل أو الموزون فالزيادة لا تكون رباً. مثلاً لو أقرض مائة بيضة لمدة شهرين إزاء مائة و عشر كان ذلك رباً و محرماً, دون ما إذا باعها بها إلی الأجل المذكور مع مراعاة وجود المائز بين العوضين.

(الرابعة): أن البيع الربوي باطل من أصله, دون القرض الربوي فإنه باطل بحسب الزيادة فقط, وأما أصل القرض فهو صحيح.

(مسألة 14): الأوراق النقدية بما أنها ليست من المكيل أو الموزون. فإنه يجوز للدائن أن يبيع دينه منها بأقل منه نقداً, كأن يبيع العشرة بتسعة أو المائة بتسعين مثلاً وهكذا.

(مسألة 15): الكمبيالات المتداولة بين التجار فی الأسواق لم تعتبر لها ماليه كالأوراق النقدية, بل هی مجرد وثيقة و سند لإثبات ان المبلغ الذی تتضمنه دين فی ذمة موقعها لمن كتبت باسمه, فالمشتري عند ما يدفع كمبيالة للبائع لم يدفع ثمن البضاعة, ولذا لو ضاعت الكمبيالة اُوتلفت عند البائع لم يتلف منه مال ولم يفرغ ذمة المشتري, بخلاف ما إذا دفع له ورقة نقدية و تلفت عنده أو ضاعت.

(مسألة 16): الكمبيالات علی نوعين:

(الأول): ما يعبر عن وجود قرض واقعي.

(الثاني): ما يعبر عن وجود قرض صوري لا واقع له.

(أما الأول): فيجوز للدائن أن يبيع دينه المؤجّل الثابت فی ذمة المدين بأقل منه حالاً, كما لو كان دينه مائة دينار فباعه بثمانية وتسعين ديناراً نقداً. نعم لا يجوز علی الأحوط لزوماً بيعه مؤجلاً, لأنه من بيع الدين بالدين, وبعد ذلك يقوم البنك أو غيره بمطالبة المدين (موقّع الكمبيالة) بقيمتها عند الإستحقاق.

(وأما الثاني): فلا يجوز للدائن (الصوري) بيع ما تتضمنه الكمبيالة, لانتفاء الدين واقعاً وعدم اشتغال ذمة الموقع للموقّع له (المستفيد) بل انما كتبت لتمكين المستفيد من خصمها فحسب ولذا سميت (كمبيالة مجاملة) و واضح ان عملية خصم قيمتها فی الواقع إقراض من البنك للمستفيد, وتحويل المستفيد البنك الدائن علی موقعها. وهذا من الحوالة علی البريء وعلی هذا الأساس فاقتطاع البنك شيئاً من قيمة الكمبيالة لقاء المدة الباقية محرم لأنه رباً.

ويمكن التخلص من هذا الربا إما بتنزيل الخصم علی البيع دون القرض. (بيانه): أن يوكل موقع الكمبيالة المستفيد فی بيع قيمتها فی ذمته بأقل منها مراعياً التمييز بين العوضين, كأن يكون قيمتها خمسين ديناراً عراقياً و الثمن ألف تومان ايرانی مثلاً, وبعد هذه المعاملة تصبح ذمة موقع الكمبيالة مشغولاً بخمسين ديناراً عراقياً لقاء ألف تومان ايراني, ويوكل الموقع أيضاً المستفيد فی بيع الثمن وهو ألف تومان فی ذمته بما يعادل المثمن وهو خمسون ديناراً عراقياً, و بذلك تصبح ذمة المستفيد مدينة للموقع بمبلغ يساوي ما كانت ذمة الموقع مدينة به للبنك. لكن هذا الطريق قليل الفائدة. حيث انه انما يفيد فيما إذا كان الخصم بعملة أجنبية. و أما إذا كان بعملة محلية فلا أثر له, إذا لا يمكن تنزيله علی البيع عندئذ.

وإما بتنزيل ما يقتطعه البنك من قيمة الكمبيالة علی انه لقاء قيام البنك بالخدمة له كتسجيل الدين و تحصيله و نحوهما و عندئذ لا باس به، و أما رجوع موقع الكمبيالة إلی المستفيد وأخذ قيمتها تماما فلا رباً فيه, و ذلك لأن المستفيد حيث أحال البنك علی الموقع بقيمتها أصبحت ذمته مدينة له بما يساوی ذلك المبلغ.